مع بدء الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر، لم تكن المرحلة الأولى منها تهدف إلى خلق مجالات أعمال جديدة، بل أدى استعمال الآلات وقوة البخار إلى تسريع العمل وزيادة الإنتاجية بشكل سمح للعاملين بالتركيز على الجوانب الأكثر أهمية وفائدة في أعمالهم. وخلال القرون التي تلت ذلك، لم يتغير الحال مع استمرار التغيرات التقنية والابتكارات التي تجعل بعض أنواع المهام أسرع وأسهل بشكل يساعد الصناعات التي تشملها على النمو وتوسيع الأعمال.
أحياناً ما تكون هذه التطورات التقنية الجديدة على شكل فكرة تغير طريقة تنفيذنا لنوع معين من الأعمال، أو منتج لم يكن موجوداً من قبل، لكنه يؤثر بشكل كبير على العديد من المهام، أو ربما يكون منتجاً يستخدم فكرة قديمة، لكن بطريقة جديدة تزيد من الإنتاجية وتسرع العمل بشكل كبير.
إيلون ماسك والصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام
حتى بداية القرن الحادي والعشرين، كان مجال الفضاء محصوراً بشكل كبير، ويعاني من قلة الابتكار في طريقة نقل الحمولات إلى الفضاء، وخاصة مع سيطرة الهيئات الحكومية على المجال حول العالم. لكن الأمور تغيرت مع إنشاء شركة SpaceX على يد إيلون ماسك، وتبع ذلك فكرة ثورية في المجال، وهي إمكانية استخدام الصواريخ بشكل متكرر بدلاً من كونها أصولاً تستخدم لمرة واحدة.
بعد الكثير من التطوير والاختبارات، أصبح حلم ماسك واقعة مع عدة طرازات للصواريخ التي يمكن إعادة استخدام أجزائها مراراً وتكراراً. وبما أن الصواريخ كانت مصدر التكاليف الأساسي، فقد انخفضت تكلفة نقل الحمولات إلى الفضاء بشكل كبير، وهو ما فتح المجال لنقل عدد كبير من الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض لأغراض تتنوع من الأبحاث والرصد الجوي حتى الاستكشاف العلمي والاتصالات وغيرها.
بفضل استخدام الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام التي أطلقتها شركة SpaceX، بات من الممكن للجامعات الآن أن تنقل أقمارها الصناعية المصغرة إلى الفضاء بتكاليف منخفضة، كما بات استكشاف الفضاء متاحاً للدول ذات الاقتصادات الأصغر من قوى العالم العظمى، كما ظهرت خدمات جديدة ثورية مثل الإنترنت الفضائي عالي السرعة الذي فتح الباب أمام العديد من الابتكارات الجديدة.
روبوت ChatGPT وثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي
بينما تم تطبيق الذكاء الاصطناعي بمختلف أنواعه منذ سنوات في الشركات الكبرى وخاصة شركات التقنية، فقد شكل الذكاء الاصطناعي التوليدي تجربة مختلفة تماماً بكونه بات متاحاً للجميع وفتح مجالات جديدة من حيث زيادة الإنتاجية وتسريع الأعمال وجعل بعض الأمور التي كانت صعبة للغاية في السابق متاحة لفئات عريضة من الموظفين.
بسرعة، اندمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في العديد من المهام مؤخراً، ووصل روبوت المحادثة ChatGPT إلى 100 مليون مستخدم فعال خلال شهرين فقط، ليحطم بذلك الأرقام القياسية لأسرع منصات الإنترنت نمواً. وخلال مدة قصيرة نسبياً بات من المألوف للكثيرين استخدام روبوت المحادثة لتلخيص المحادثات الطويلة وتوليد الردود والمساعدة بإيجاد بدائل للاقتراحات وتسهيل صياغة الأفكار بشكل مكتوب، بالإضافة لإنتاج المحتوى ذي الطابع الموحد مثل العقود، والاتفاقات، وعروض الأسعار، وغيرها.
بالتأكيد لا تزال تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي تواجه بعض الصعوبات مثل مشكلتها مع ذكر الوقائع والحقائق، وهو ما يحد من توسع استخدامها أكثر. لكن حتى وبأخذ ذلك بعين الاعتبار، فقد أحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي ثورة إنتاجية كبيرة ستظهر آثارها تدريجياً في المرحلة القادمة.
برمجية 3IXAM والثورة القادمة للنمذجة ثلاثية الأبعاد
سواء في مجال التصميم المعماري أو بناء النماذج أو تصميم الألعاب والأفلام وغيرها، عادة ما يواجه المصممون في البيئات ثلاثية الأبعاد مشكلة أساسية: تتطلب رندرة النتائج النهائية أوقاتاً طويلة تصل حتى ساعات لبعض الصور، ويمكن أن تطول لأسابيع أو حتى أشهر من وقت الرندرة الإجمالي للأفلام المصنوعة بالرسوميات ثلاثية الأبعاد. وعادة ما تسبب أوقات الرندرة الطويلة هذه الكثير من المشاكل للمصممين الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى إضاعة الوقت بانتظار الرندرة أو حتى التوقف عن العمل ريثما يتم ذلك. كما تعد عملية الرندرة عموماً مكلفة للغاية بالنظر إلى حاجتها لمجموعات حواسيب عالية القدرات فيما يسمى عادة “مزارع الرندرة”.
الآن هناك برمجية جديدة تعد بأن تكون حلاً لمشكلة الرندرة، وهي برمجية 3IXAM الرائدة في مجال التصميم ثلاثي الأبعاد. إذ يوفر البرنامج قدرات تصميم رائدة مع واجهة مبسطة تتيح التصميم حتى للمبتدئين، لكن مع خيارات متقدمة تغطي كل ما يحتاجه المتخصصون في المجال. ويظهر تفوق 3IXAM الأكبر ربما في مجال الرندرة. إذ أظهرت الاختبارات الأولية قدرة البرنامج على رندرة المشاريع الكبيرة بسرعات مدهشة توفر حتى 90% من وقت الرندرة المعتاد في البرمجيات الأخرى.
يعمل برنامج 3IXAM على حواسيب Mac التي تستخدم شرائح Apple Silicon (ابتداء من شريحة M1 وما بعد)، وقد تم تصميمه لاستغلال قدرات المعالجة إلى الحد الأقصى، كما أضيفت له ميزة رائدة بكونه يسمح للمصممين بتسريع الرندرة أكثر حتى عبر استغلال طاقة المعالجة المتاحة على أجهزة iPad وهواتف iPhone الخاصة بالمصمم.
يوفر 3IXAM بيئة مفتوحة للمصممين للتعديل على المشاريع السابقة التي عملوا عليها وإكمال تصميمها أو تصديرها ورندرتها بغض النظر عن مصدرها الأصلي. لذا لا يضيف الانتقال إلى البرنامج أي عقبات أو مشاكل توافقية، بل أنه يحسن سير العمليات بشكل عام.
لاحقاً وبعد الفترة التجريبية، ستتضمن النسخة الاحترافية من البرنامج خيارات متقدمة وجديدة مثل النحت ودعم الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ سيتمكن المصممون من إنشاء الأشكال عبر أوامر نصية مختصرة وسريعة تجعل عملهم أسرع وأكثر سلاسة.
من المخطط إطلاق البرنامج بنسختيه في 16 أكتوبر القادم وسيكون متاحاً ضمن متجر App Store لمختلف حواسيب Mac، لكن لدى المصممين الآن فرصة محدودة لتجربة نسخة Beta من البرنامج مجاناً واستكشاف ميزاته العديدة وأوقات الرندرة القياسية له.